الجمعة، 29 أبريل 2011

موضوع تعبير عن الثورة


أتذكر أيام المدرسة حين كان يأتينا في الامتحان سؤال " التعبير" أو " الانشاء .. و كان كما نعرف جميعاً عبارة عن طلب كتابة في موضوع ما ..

و كانت تلك المواضيع في الغالب مواضيع مملة جامدة لا علاقة لها بالابداع.. فالإبداع يعني الإستحداث .. و العمل الإبداعي هو مثل المولود الجديد .. يمثل اضافه للبشرية وليس نسخة من انسان آخر

وليته كان يطلب منك ان تتكلم في مواضيع تثير الخيال ... ولكنه كان يطلب منك أن تتكلم في مواضيع مكرره مثل "الاخلاق الحميدة" .. أو "حب الجار" أو حتى "السلام" .. و لأن الموضوع نفسه سمج و ممل.. فقد كانت المقالات أو " المواضيع" المكتوبة من نفس العينة .. حتى جرت العادة على تسمية من يتكلم كلام تقليدي مكرر مبالغ فيه على أن نقول على كلامه " كلام انشاء"

و كانت نتيجة تلك العادة التعليمية البذيئة أن أصبحت مواضيع التعبير ( أو الانشاء ) في المدارس لا تختلف كثيرا عن تلك 90% من المقالات التي تُكتب في الجرائد..

و لم أدرك تلك الحقيقة إلا بعد متابعتي اليومية تقريبا للجرائد نظراً لظروف الثورة .. اكتشفت كم كبير من المقالات هي عبارة عن سرد لما يحدث من وقائع و لا تحتوي على أدنى فكر.. أو هي افكار تمثل آراء و خواطر العامة.. و لكن على الورق.. و تزداد تلك النوعية من المقالات في الجرائد القومية التي سعت في العصور البائدة ( و بالأخص في عهد مبارك الذي اصبحت خطبه تشبه مواضيع التعبير هو الآخر ) على أن تضم أكبر كم من الكتاب ( الموظفين) ... الواحد منهم مهنته أن يخرج مقال اسبوعي ( او يومي احياناً) .. لايهم ما هو المكتوب فيه .. بل المهم أن يخرج و السلام .. يملأ تلك المساحة المخصصة له و التي يتقاضى اجراً عليها .. و إني لأعجب من هذا الشخص الذي عينه في الجريدة و سمح له أن يخرج على العامة بكلامه ( و لا أقول فكره لأنه لا يحمل اي فكر أصلا).. لا شك أن هؤلاء الذين يعينون أو يختارون الكتاب الصحفيين هم من من نفس العينة الفكرية ... و كلهم للأسف لا يدركون مدى أهمية الوسائل التي يمتلكونها ... فهذا الانتشار الكبير لجريدتهم ( و بالذات الجرائد القومية كالأهرام و الاخبار ) يتيح لهم أن يصلوا بأي فكرة لعدد ضخم من الناس في مصر.. خصوصاً و أن الغالبية العظمى من الشعب المصري لا تستخدم الانترنت و هو للأسف مقتصر على فئات عمرية بعينها ....

المهم.. دعك من كل هذا ....فلقد راودتني فكرة طريفة .. و هي أن أكتب مقالاً انشائيا مثل هؤلاء و أختبر نفسي هل أصلح أن أكون مثلهم أم لا... و حاولت و كانت تلك هي النتيجة :

" مصر و الثورة "

إن مصر الآن مثل العروس في ليلة زفافها .. جميلة .. مشرقة .. و سعيدة .. هذا هو حالها بعد الثوة .. قبل الثورة كانت مصر عجوز شمطاء ينفر من منظرها الناس..

ان شباب مصر أعاد لمصر صورتها المشرقة من جديد... و أزاح عنها التراب الذي كان يحجب تلك الصورة .. و دائما هذا هو دور الشباب .. فهم عماد الوطن و سواعده الفتية .. و كذلك هم المستقبل .. ومن قبل كانوا الماضي .. و الآن يصنعون الحاضر..

إن ثورة 25 يناير ثورة عظيمة .. شارك فيها كل فئات الشعب المصري العظيم المتحضر..

شباب و شيوخ و نساء و اطفال و عمال و فلاحين و فئات و كوتة مرأة .. و أطباء و مهندسين و مدرسين و كيميائيين و فيزيائيين و اساتذة جامعة و موظفين عاديين و مديرين و فراشين و نجارين و زبالين و حلاقين و حرفيين و مهندسين كمبيوتر و مهندسين مدني و مبرمجين.. و كذلك الادباء و المثقفين و الجهلة و الاميين.... أتمنى ألا اكون قد نسيت أحداً

كل فئات الشعب شاركت بلا استثناء.. ومن لم يشاركو كان فيه بيته ايضا يعتبر شارك بقلبه ..

ان مشاركة كل هؤلاء تعني ان الكل يحب الوطن .. الوطن المصري العزيز

و انها ثورة شعبية بحق.. و قفت ضد الظلم والظغيان ورغم هذا كانت ثورة سملية لم يشهر احد من الثورا سلاحاً في وجه الظاغية مبارك و فلوله

كما علينا ان نشكر الجيش المصري العظيم الذي وقف مع الثورة المصرية العظيمة ..

و بعد كل هذا .. علينا ان نتعلم كيف نستفيد من ثورة يناير .. و أول درس يجب ان نعيه هو أننا يجب أن نكون يد واحدة كما كان يقول شباب الثورة في الميدان " الجيش و الشعب ايد واحدة " يجب ان يكون الجيش و الشعب .. و الشعب نفسه فيما بينه و بين بعضه يد واحدة.. لا فرق بين مسلم و مسيحي ... و رجل وامرأة و طفل و شيخ ...

الاخوة و الاخوات .. لازالت الثورة مستمرة و علينا ان نعي هذا جيداً ..

حتى نحافظ على مكتسبات هذا الوطن ... و شكراً

" ملحوظة : اي تشابه بين هذه المقال و خطب مبارك فهو غير مقصود و الله "

الأربعاء، 27 أبريل 2011

التحليل السياسي في الشوارع و المواصلات !

الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو حوار يدور الآن لحظة الكتابة بين ثلاثة اشخاص ( لا أراهم و لكني اسمع صوتهم من حجرة مجاورة ).. حول مستقبل مصر السياسي... الحوار للأمانة به الكثير من المفردات و الاستنتاجات المضحكة.. فبين الثلاثة سيدة بسيطة التعليم كما يبدو من اسلوب كلامها.. تلقب السلفيين بـ " السلايفة"!! .. و رجل آخر يحكي عن خوفه من الاخوان المسلمين لأنهم سيقيموا الشريعة و سيصدروا قوانين تحرم السياحة في مصر.. و يمنعوا دخول السائحين!!!.. في حين أن السيدة تدافع عنهم لأنها تحب الاسلام و تريد الحكم بالشريعة..

و أذكر من يومين سابقين حوار دار في الاتوبيس و انا في طريقي للبيت حول المرشح القادم لرئاسة مصر.. فقال أحد الركاب لزميله :" عارف برنامج البرادعي الانتخابي ايه؟.. اباحة الشذوذ الجنسي.. "....

و هناك الكثير من المشاهد و الحوارات التي لا تسعفني الصفحات لذكرها..

تلك الحوارات بالنسبة لي و بالنسبة للجميع أصبحت أمراً معتاداً .. بل و أصبح الطبق الرئيسي على مائدة النقاشات هو في السياسة و الشأن العام و الاستثناء هو الكلام في الامور الاخرى .. كما أنه من الملاحظ أن الناس في المواصلات أصبح من السهل ان يكلم بعضهم الآخر في الشئون العامة أكثر من ذي قبل.. فما إن تأتي سيرة موضوع ما خاص بالشأن العام إلا و تجد فجأة كل الركاب أو معظمهم يحاور بعضهم الآخر و كأنهم اصدقاء...

حتى اننا اصبحنا نشبه بشكل كبير الأجواء التي سادت قصة الكاتب الساخر/ أحمد رجب " فوزية البرجوازية ".. حين اصبح العامة يتداولون مصطلحات مثل " امبريالية " " شيوعية " وبرجوازية و ..و.. بشكل يومي حتى حين شراء البطيخ!!!

ووجه التعجب هنا يعود للتحول المفاجئ في أجواء الشارع المصري

فكنا قد أعتدنا أن الكلام في السياسة بشكل مستفيض و ( حر) حبيس جلسات المثقفين و المدونات و الفيس بوك و التعليقات في المواقع الاخبارية .. و لطالما كانت شخصية الذي يتكلم في السياسة دوماً مادة خصبة للسخرية في الافلام و البرامج الفكاهية و في نقاشات التافهين .. و عادة ما يلقب بألفاظ مثل " الواد الثورجي" .. و احيانا " الشيوعي" أو " الاخوانجي" ..

أو يتم وصفه بأنه " فاضي مش لاقي حاجة يعملها" .. و بدلاً من أن " يشوف له شغلانة يكسب منها عيش".. يتكلم في السياسة ..( هذا على اساس ان الكلام في السياسة يتطلب منك الا تعمل ) .. أو هو " غاوي وجع قلب و مش عاوز يريح دماغه"

لا شك أن الأمور السياسية كانت تُناقش من قبل العامة من حين لآخر ..و لكن الكلام فيها كان بشكل خاطف بشكل سطحي للغاية على سبيل التسلية ليس الا..

و لأن الكلام شهوة .. فإن الانسان المصري ما قبل الثورة ( ق .ث ) كان يتحدث في اي شأن آخر ليفرغ شهوته تلك.. في مشاكله الخاصة .. في كرة القدم .. و بالذات تلك الأخيرة .. لا أنسى أن الكثيرين ( و أنا منهم في طفولتي ) كانوا يشترون الجرائد من أجل صفحة الرياضة .. و كانت هي اول و اهم صفحة .. و كانت مبيعات الجرائد ترتفع بصورة رهيبة بعد المباريات المهمة التي يفوز فيها المنتخب او الاهلي!!.. و تفسير هذا بالطبع أن اخبار الرياضة هي الوحيدة المتجددة دوماً.. عكس أخبار السياسة !

***************
***************

و لا شك ان هذا التحول المفاجئ يؤكد لنا أن المصريين لم يكونوا بالفطرة سلبيين .. و لكن تلك السلبية كانت بفعل فاعل... و كان للفاعل ( و هو النظام السابق) عدة اساليب معاونة لنشر السلبية في المجتمع وكانت اشهر تلك الاساليب هي على ما أظن ما يلي:

1- لا شك ان اقوى الوسائل كان الجهاز الامني متمثلاً في امن الدولة .. و هو من جعل كثير من العامة يخشى حتى الكلام في المواصلات او حتى في الشارع.... و ربما لا يضع امن الدولة مخبرين في المواصلات .. و لا يخصص مخبر لكل شخصين يسيران في الشارع و لكنه كان يتبع مبدأ.. " أضرب المربوط يخاف السايب".. فكل مواطن لا شك انه يعرف شخص من هنا او هناك قد أُعتقل في امن الدولة لسبب أو لآخر... و كل المواطنين يرون العقوبات التي تطول الصحفيين و المذيعين الذين عارضوا النظام بشكل حقيقي .. النظام السابق ربما لم يكن يراقب 80 مليون مواطن .. و لكنه كان يبث الرعب فيهم كلهم بالعدد الذي يراقبه ( و إن لم يكن عدداً قليلاً..

2- كما أن النظام السابق عمل على تشجيع الفكر القائل بأن كل ما نحن فيه هو بسبب أن الشعب فاسد و يرتكب المعاصي و الآثام و الكبائر.... و أن الإصلاح يأتي من القاع لا من القمة .. فعليك بأن تبدأ بنفسك ثم بمن حولك و .. و .. الخ...

و تم بلورة هذا الفكر في صورة دينية .. وكان هذا الفكر هو الفكر الديني ( الرسمي) للدولة .. تبنته مؤسسات الدولة الدينية الرسمية كالأزهر.. و تم السماح لمن خارج تلك المؤسسة ان يتكلم في الدين على شرط واحد هو ألا يخرج عن تلك القاعدة .. و لم يكن أحد يجرؤ على الظهور في أي مسجد بشكل رسمي أو على التلفزيون ويقول كلام يعارض تلك القاعدة

و أنهارت تلك النظرية انيهار تام بعد الثورة .. بل و العجيب أن كثير ممن كان يتبنى تلك النظرية دينياً ( و دون ذكر اسماء )أصبح يعلن حبه للثورة و تأييده للإصلاح من الأعلى .. و ظهرت فجأة الآيات و الأحاديث التي تتحدث عن اصلاح الحاكم و الحكم و كأن الأرض انشقت عن تلك الحقائق

3- عدم ادراك المواطن لحقيقة ان الكلام في الشأن العام و الاهتمام به يتعلق بمصلحته الشخصية مباشرةً...لا شك ان المواطن كان يعرف جيداً أن البلد فيها من الفساد ما فيها .. و لا شك أنه كان مدرك ان العقبة الوحيدة لنهضة مصر و تحقيق الرخاء هو هذا النظام الحاكم...و إلا فكيف قام بثورة؟!!!

و لكن المشكلة الحقيقية هو أنه كان يعيش حالة من الغيبوبة التي دخل فيها بفعل فاعل... غيبوبة جعلته لا يدرك علاقة السياسة بحياته الشخصية .. و المتسبب الحقيقي في تلك المشكلة هي وسائل الاعلام الرسمية ( سواء عامة أو خاصة)

فرغم كل الحريات الاعلامية المزعومة في عهد الرئيس مبارك .. إلا أن صحفيا كان أو مذيعاً لم يكن ليجرؤ أن يهاجم رأس النظام مباشرةً .. نعم .. بين حين و آخر خرج شخص هنا و هناك يهاجم رأس النظام .. و لكنه كان يتم التعتيم عليه فوراً و إقصائه من الساحة الاعلامية الرسمية ( سواء قطاع عام أو خاص ).. و حتى هذا الذي قد يقول رأياً ما به كثير من الجرأة و الصراحة.. كان رأيه بالنسبة للدولة بمثابة ( أي كلام) .. حتى ان الصحفي احيانا قد يكشف واقعة فساد بمستندات على صفحات الجريدة دون ان يحدث شيئاً!

مما أعطى شعور للمواطن أن الكلام في السياسة و الشأن العام ليس له أي لزوم بالمرة .. فإذا كانت الصحافة الموضوعة في الدستور كسلطة رابعة .. ليست لها أي سلطة!!... فكيف يكون هناك أي أهمية لكلام المواطن العادي؟!!... لذا فإن الاسم الحقيقي للحرية المزعومة في عهد مبارك هي حرية الكلام و ليس حرية الرأي..

كما عمل النظام على نشر هؤلاء المعارضين المستأنسين ... المعارض الذي يمسك العصا من المنتصف .. فلا هو يوالي الحكومة .. و لا هو يعارضها .. و حين يتطرف فهو ينتقد وزير.. و حين يصبح مناضلاً ثورياً فهو يسب رئيس الوزراء... أما الرئيس .. فهو دائما إما موصوف بالأب و البطل و القائد و .. و ... .. أو هو مسكوت عنه تماماً.. و كأنه ليس يعيش بيننا و ليس له أي علاقة بالمشاكل الدائرة في المجتمع.. و دوما تنتشر الاستغاثات التي تطالب الرئيس بالتدخل لإنقاذ الناس هنا و هناك !! .. و عادة حين يطرح هذا النوع من الكتاب المشكلة .. فهو يعرضها كمشكلة دون تحليل الاسباب الحقيقية .. فيقول مثلا " إننا نعاني من مشكلة .. مشكلة خطيرة و عويصة و مستحيلة .. كيف نحلها؟" هكذا فقط دون ذكر اشخاص او قرارات او احداث او.. او.. ودوما المشاكل محل الذكر هي المشاكل الفرعية وليست الجوهرية .

كل هذا و أكثر شوه أمام الكثير من العامة الاسباب الحقيقية لفساد الدولة .. هل النظام فاسد ام لا؟.. و لو كان فاسداً.. أي جزء فيه هو الفاسد؟.. و لماذا هذا الجزء بالتحديد هو الفاسد؟.. و كيف يمكن ازالته؟ و ما هي عواقب ازالة هذا النظام الفاسد..

كل ماسبق جعل المواطن المصري في حيرة من أمره .. ماذا يفعل حيال هذا الوطن.. فما كان منه إلا أن أنكفأ على نفسه تاركاً البلد للنظام يفعل بها ما يشاء.. و تنامت ظاهرة الفردية في المجتمع لغياب الهدف الواحد و عدم وجود مبرر يدفع المواطن للتعاون مع الآخرين سواء مؤسسات او افراد... و هو ما ظهر في الاحتجاجات الفئوية بعد الثورة ..

************************************

************************************

على الرغم من أن بعض ( إن لم يكن الكثير)من الحوارات في الشارع المصري تتسم الكثير منها بالسذاجة و عدم الموضوعية .. إلا أنني متفائل بالخير و منتظراً له بإذن الله في المستقبل .. فتلك علامة على أن الانسان المصري الذي كان مغيباً أدرك حقيقة أن هذا الوطن ملكه و أنه يجب أن يتكلم عن أحواله تماماً كما يتكلم عن أحواله الشخصية .. إن لم يكن أكثر .. ففي كلتا الحالتين هو يتكلم عن احواله الشخصية.


أحمد علاء
27/4/2011

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

حكاية جوازتين أتفركشوا


اتنين على وش جواز ... في إحدى المقاهي ..

-هو: تقريبا باقي اسبوع على ميعاد كتب الكتاب و الفرح ..

-هي: فعلاً.. بس أنا بأشعر بشعور غريب..

- هو : خير ...

- هي: مش عارفة فيه حاجة ناقصة غير مرئية بالنسبة لي ومش قادرة على ادراكها بالعين المجردة

- هو: الاشياء المادية و ( اللوجستية) اعتقد ان احنا حسمنا أمرها و أعتقد إن احنا قدرنا في الفترة اللي فاتت دي نتوصل لتوافق فكري و قدرنا نتفق على مرجعية واحدة لحياتنا نعتمد عليها و نخليها الحكم ما بيننا في ظل أي خلافات.. ايه تاني ناقص؟

- هي: الأيدولوجيا .. أنا غير مؤمنة بالأيدولجيا و أنت مؤمن بيها ... أنت انسان مؤدلج تبحث عن ايدولوجية لتؤمن بيها .. و رغم انك لسة حائر الا انك مازلت مؤمن انك لازم تتبع ايدولوجية ما....و أنا ضد الأدلجة تماماً

-هو: مش هنختلف كتير .. و حتى لو اختلفنا فهذا لن يعيق مسيرة زواجنا ابداً.. و على كل حال اعتبريه ظاهرة صحية ستثري حياتنا الفكرية .. مش أحسن ما نكون متشابهين فكرياً و يحصل نوع من أنواع الركود و الملل الفكري و اللي ممكن يصيب عقلنا بنوع من انواع الشلل!

- هي: الأفكار اللي مؤمن بيها الانسان بتأثر على سلوكه و تعامله مع الآخر .. زيها بالظبط زي تأثير العصا على دابة زي الحمار.. العصا هي اللي بتوجهه شمال او يمين .. و بيكون غير مدرك إنه موجه لأنه مش شايف العصا و مش مدرك حتى لو شافها لطبيعتها .. هو فقط يشعر بالألم و لكي يخلص من هذا الألم عليه ان يسير للأمام او ينحرف يميناً او يساراً حسب توجيهات العصا و صاحبها ..

-هو: بس انا مش دابة!!

- هي: طبعا مش قصدي ... ده تعبير مجازي .. بس تقدر تقول لي ايه الفرق بين اللي بيتبع فكر معين بحذافيره و بين الدابة؟

- هو : الفرق بين الدابة و من يتبع فكر معين هو إن الدابة ليس عندها القدرة انها تتبع فكر معين .. الدابة افعالها حركية غريزية بحتة .. أما الإنسان فبسبب التمدن استطاع ان يتغلب على الغريزة و قدر انه يطوعها و ده بفضل فكره و عقله

- هي: بس خللي بالك ان النملة تقدر تحمل اثقال اكثر من الفيل اضعاف المرات.. و طبعا ده مش معناه انها تستطيع ان تحمل اكثر من الفيل من حيث الوزن.. بس كل الفكرة ان الموضوع نسبة و تناسب .. يعني الفيل لا يستطيع حمل مقدار وزنه .. اما النملة فتستطيع ان تحمل اضعاف وزنها ... و على هذا الاساس نقيس على الانسان... فلكل كائن الطريقة التي يُساق بها .. سواء العصا للدابة .. او الأيدولوجية و القوالب الجامدة للإنسان

-هو: تشبيه مش في محله .. الدابة لا تختار العصا التي تضرب بها لتُساق.. بينما الانسان يختار الايدلوجية التي يؤمن بها .. فكيف يكون هناك انسان منساق وراء شئ ما.. و يكون انسياقه هذا بإختياره.. كيف للعبد ان يكون له حرية اختيار العصا التي يُضرب بها؟؟؟.... تشبيهك غير دقيق للأسف و انا مصدوم في فكرك

- هي: مصدوم ليه ؟؟.. دي الحقيقة .. و بالنسبة لموضوع اختيار العصا من عدمه .. فانت غلطان اكيد.. انا من وجهة نظري ان الانسان اللي بيختار فكر معين يتبعه كظله هو انسان يميل لحياة العبودية .. و مش بعيد تكون دي رواسب فكرية ناتجه عن ان احد اجداده عُومل بشئ من الاستعباد في الماضي .. و غير مستبعد ان يكون سليل عائلة من العبيد ..وورث عن احد اجداده او عن عائلته كلها هذا السلوك .. حتى وصل لعصر تم الغاء الرق فيه .. فأصبح يبحث عن سيد له .. فما أن يجد فكرة ما لها بريق إلا و يذهب اليها راكعاً ذليلاً مستسلماً لصحتها تماما كما يستسلم العبد الضعيف للسيد القوي..

- هو: ايه الكم الرهيب من الاهانات ده ... انتي واعية للي بتقوليه؟

- هي: إحنا اتفقنا من اول يوم على الصراحة المطلقة مش كده و لا ايه ؟ .. إحنا محتاجين نبني حياة جديدة على اسس صلبة من غير ما يكون في عقولنا أي رواسب كراهية مترسبة في قاع عقولنا ... يعني انا مثلا طلعت كل رواسب الكراهية اللي عندي ناحيتك دلوقتي

- هو: على فكرة برضه انا عندي رواسب كراهية في قاع عقلي ناحيتك .. بس تعرفي؟ انا احسن منك و مش هطلعها عشان أنا بأحترم مشاعرك و مؤمن بحكمة انه ليس كل الحقيقة تُقال..

-هي: انا على فكرة لم أمنعك من انك تطلع كل رواسبك تجاهي.. بالعكس انا مرحبة جداً بأمر كهذا

- هو : هتزعلي.. على فكرة

- هي: قول بس .. تأكد اني عندي قدرة فائقة على امتصاص الصدمات و كظم الغيظ

- هو: طيب..بصراحة انا اعتقد انك انسانة بتعاني من تشوهات نفسية كبيرة .. عندي احساس كبير انك ذكر متجسد في انثى ... ساعات بأحس انك اكثر ذكورية من الذكر نفسه .. بتظني نفسك ذكية و لكنك في الحقيقة بتبحثي عن غباء الآخرين و تكتشفيه ثم تظهريه لهم كي تظهري في صورة المنزهة عن الاخطاء.. و اللي بيمنع الآخرين انهم يقولوا عيوبك هو انك غير معتنقة لفكر معين .. تقدري تقولي ما هي اضافتك لمن كنتـ....

- هي ( مقاطعة ) : ايه الوقاحة دي.. انت سيكوباتي متعفن

- هو: شفتي بقى؟ .. انا لسة ما كملتش كلامي و زعلتي... عشان تعرفي بس ..

- هي: انت كمان لسة عندك رواسب؟

- هو: هو انا لسة خرجت حاجة من رواسبي؟.. تحبي اكمل لك؟

- هي: لا طبعاً.. دي مش رواسب دي قاذورات ..

- هو: هي دي حقيقتك .. لما عريتك قدام نفسك مقدرتيش تستحملي...

- هي: انت لم تعريني.. انت رسمتني في صورة مسخ دميم مشوه من وحي الخيال لا الواقع ..

- هو : على العموم انتي اللي طلبتي مني.. و لو زعلتي أنا بأعتذر و اعتبري اني ما قلتش حاجة

- هي: اعتبر مين؟... ده مستحيل طبعاً.. كلامك الاخير ده بمثابة المعول الذي حطم حجر اساس مشروع زواجنا ..

- هو: ياه للدرجة دي؟

- هي: انت فاكر ايه .. انا مستحيل اقبل اتزوج انسان يراني مشوهة و في نفس الوقت هو مليء بالتشوهات

-هو: و انا عن نفسي برضه مش هأقبل اتجوز واحدة شايفاني مشوه.. اعتبري الموضوع منتهي

-هي: هههههههه.. انا اللي انهيت الموضوع مش انت .. انا اللي عملت المباردة قبلك

- هو : مش فارقة .. المهم اني هاخلص من انسانة مثلك

- هي: ايه الصفاقة دي...

- هو : من بعض ما عندكم ..

- هي: ( تقذف بمحتويات كوب المياه في وجهه و تنصرف بخطوات سريعة خارج المقهى)

-هو : (يتناول منديلا ليمسح الماء من على وجهه و هو مدهوش مما حدث و يراقب بخجل شديد نظرات رواد المقهى له من حوله)

- هي : ( تعود و تضع نقوداً على المنضدة).. و ده حساب المشروب بتاعي.. انا مش ممكن اقبل واحد زيك يكون له فضل عليا في اي حاجة

*****************************************
*****************************************

إتنين على وش جواز ( اتنين آخرين غير الأولانيين) .. في إحدى المقاهي برضه

- هو : اعتقد ان حنا خلاص شطبنا الشقة و كله تمام

- هي : ايوة

- هو : مالك بتقوليها من غير نفس ؟؟

- هي: انت شايف ان كله تمام في الشقة؟

- هو : ايه اللي ناقص؟

- هي: مش انت قلت هتجيب الكمبيوتر قبل الجواز؟

- هو: لا .. ما أنا غيرت رأيي بصراحة و هأجيب لاب توب شخصي

- هي: لا ب توب؟.. و أنا ؟ هأقعد على النت بإيه؟

- هو : هأبقى اسمح لك كل فترة تقعدي على اللاب توب..

- هي: و ليه ما نجيبش pc لينا احنا الاتنين في البيت .. و لا حتى تجيب لي لاب توب ليا لوحدي

- هو : بصراحة انا عاوز جهاز اخده معايا في اي حتة

- هي: طيب و أنا ؟

- هو : انتي ايه ؟.. ما انا قلت لك هأبقى اقعدك شوية على اللاب توب

- هي: الكلام ده ما ينفعش.. احنا اتفقنا انك هتجيب pc قبل الجواز..

- هو : رجعت في كلامي

- هي: انت عيل و لا ايه؟

- هو: ايه ده .. ايه عيل دي..

- هي: معلش انا اسفة بس انت بصراحة نرفزتني لما قلت كلامك ده ... و بعدين ايه اللي رجعك في كلامك

- هو : عادي يعني فكرت فكر مختلف

- هي: مش حاسة في عينيك بالصدق مش عارفة ليه

-هو : و أنا أكدب ليه ان شاء الله .. هأخاف منك يعني؟

- هي : طيب عيني في عينك كده

- هو: ايه شغل الاطفال ده .. طيب أهو ( يجحظ عيناه متعمداً و يقربها منها)

- هي: مفيش فيها صدق..

- هو: براحتك .. دماغك على فكرة مليانة اوهام

- هي: خلاص .. هأجيب بفلوسي لاب توب مستعمل اي كلام و امري لله ..

- هو : ايه اللي انتي بتقوليه ده .. لأ طبعاً

- هي: و انت مالك بقى بالموضوع ده ؟.. ما أنت مش هتدفع حاجة .. و لا هي رخامة و خلاص

- هو: انا قلت لأ يعني لأ..
- هي: انت بتكلمني كده ليه .... ما تقول للأمانة مش عاوز تجيب كمبيوتر للبيت ليه

- هو: ...............

- هي: خليك صريح.. احنا داخلين على جواز و محتاجين نبدأ على مية بيضا من غير لف و دوران

- هو: بصراحة بقى مش عاوزك تستخدمي الكمبيوتر و لا تقعدي على النت

- هي: ليه ؟

- هو: بصراحة مش ضامن يحصل معاكي ايه.. ممكن تحصل مصيبة من ورا النت ده .. انا بقيت اقرأ في الجرايد كل يوم و التاني عن بلاوي.. تقريبا معظم الخيانات الزوجية اللي بأقرأ عنها تبتقى من خلال النت .. و بتبقى تفاصيل مرعبة .. . و كلهم بيبقوا زي ما بيقول ازواجهم في البداية في منتهى البراءة

-هي: ايه ده .. انت مش واثق فيا و لا ايه؟..

- هو : واثق و الله.. بس ...

- هي: بس ايه؟

- هو: بصراحة الشيطان شاطر و حتى لو كنتي محترمة ممكن الشيطان يلعب بيكي..

- هي: على فكرة ده كلام جديد عليك.. انت طول عمرك عارف النت و اللي فيه .. و ياما و احنا بنتكلم مع بعض هرينا الموضوع ده كلام و مكانش عندك مشاكل معايا فيه .. اشمعنى يعني اليومين دول

- هو: عادي.. فهمت الموضوع كويس اليومين دول

- هي: اليومين دول؟.. اشمعنى يعني اليومين دول؟ .. حد يعني نصحك بالنصيحة دي

- هو: ايوة ..

- هي: اوعى تقول أمك هي اللي قالت لك كده؟

- هو: و فيها ايه يعني لو ماما هي اللي قالتلي كده.. هي مش خايفة على مصلحتنا و بتتمنى لنا الخير؟

- هي: قصدك مش واثقة فيا...

- هو: ليه بتقولي كده .. ماما واثقة فيكي جداً

- هي: هههههه.. قول كلام غير ده .. يا خسارة و الله ...مع ان بابا و ماما واثقين فيك و خلوني أنزل معاك لوحدينا اكثر من مرة و عمرهم ما قالوا لأ .. يبقى دي المعاملة بالمثل..

- هو : انتي قلبتي الموضوع لزعل .. و الموضوع مش مستاهل

- هي: مش مستاهل ازاي؟.. لما أمك اللي هي حماتي مش واثقة في اخلاقي يبقى هنقدر نعيش مع بعض ازاي.. مش بعيد بعد كده الاقيها بتقولك اوعى تخليها تنزل من البيت .. او اوعى تخليها تشتغل .. خد منها الموبايل.. الخ الخ

- هو: هههههه.. مش للدرجة دي طبعاً

- هي: انت بتضحك على ايه ؟؟....

انا مش هأستنى لحد ما أشوف للدرجة دي و لا مش للدرجة دي .... ايه رأيك ان شرط اساسي من شروط الجواز الكمبيوتر؟؟.. هي بقى قفلت معايا عند و مش هأخش إلا بيه

- هو: ايه التفاهة دي.. حد يعاند علشان كمبيوتر

- هي: مش عشان كمبيوتر.. عشان هي مسألة مبدأ... قلت ايه

- هو : قلت يفتح الله .. انا مش خرونج عشان اسيبك تقعدي على النت و تنحرفي .. بطلي بقى الحركات القرعة دي

- هي: (تنظر له في غضب و تقذف بمحتويات كوب المياه على وجهه و تأخذ حقيبتها و تنصرف في خطوات مسرعة)

- هو : ( بصوت عال كي يفضحها) شوفي لك حد تاني مركب إريال يخليكي تدوري على حل شعرك يا هانم .. احنا بيت محافظ و مانقبلش المسخرة بتاعتكم دي.. دلوقتي بس انا عرفت ليه ابوكي بيوافق انك تخرجي معايا عادي من غير ما يتشرط

( تمت)

الأحد، 24 أبريل 2011

هل أحب كل المصريين الثورة؟


هناك قصة شهيرة عن شخص اول مرة يزور مصر... و عندما عاد لأهله سألوه عن صفات الشعب المصري فقال فيما معناه : " لو رحت استاد تظن ان كل الشعب بيحب كرة القدم .. و لو دخلت مسجد تظن ان كل الناس مؤمنة و بتصلي.. لو دخلت كباريه تفتكر الناس كلها فاسدة .. و لو اتفرجت على قنوات الأغاني تفتكر ان البلد كلها بايظة .. و لو اتفرجت على القنوات الدينية تفتكر ان دي بلد علماء الدين و المشايخ و طلاب العلم "

و هذه الحكاية لها مدلول واحد فقط .. يتم تلخيصه في عبارة واحدة من كلمتين :" إحنا كتير" ...

هذه العبارة هي الوصف الدقيق للمتعجب من حال مصر... نحن شعب قوامه اكثر من 85 مليون مواطن ..

و إنطلاقا من تلك القاعدة التي ذكرتها سابقاً كان هذا هو حال الشعب المصري أثناء الثورة ....

قبل أي شئ علينا أن نعترف أن الثورة الشعبية للأسف ليست لها شعبية عن البعض.. و هو عدد لا يستهان به من الشعب المصري... علينا أن ندرك حقيقة هذا الأمر.... كما أن هؤلاء الذين لا يحبون الثورة ليس كلهم ( فلول ) حزب وطني.. او عملاء النظام السابق .. و ليسوا فلول امن دولة و لا فلول اي شئ في الدنيا ...

كما أننا يجب أن ندرك الحقيقة المؤسفة و هي أن أعداد هؤلاء الذين لم يحبوا الثورة ليست قليلة .. و حتى ان كانت اعداد الثوار أكبر منهم .. إلا أن اعدادهم ليست قليلة بالمرة

و لكي أكون اكثر دقه أحب أن أوضح كيفية نظر الشعب المصري للثورة من خلال مشاهداتي للأجواء من حولي...

من خلال متابعتي المتواضعة ( و الغير علمية ) لما يحدث.. أرى ان رؤية الشعب للثورة تنقسم الى أربع فئات و هم كالتالي:

1- الفئة الأولى من الشعب و هي تلك التي شاركت في الثورة سواء بالنزول للمظاهرات أو حتى بالمتابعة المترقبة لها و توحدهم وجدانياً مع من نزل للمظاهرات... و ليست تلك الفئة تحتاج مني ان اتكلم عنها لأنها اصلا هي محور الكلام كله في الاعلام بكل انواعه ..

2- الفئة الثانية هي فئة لم تشارك في الثورة بالمظاهرات أو حتى بالتأييد و التعاطف عن بعد... أثناء الثورة لم يكن شغلها الشاغل أي شئ سوى مشاغل الحياة التي ترتبت على الثورة مثل الفزع من نقص الغذاء و مشكلة الامن.. و كانت الثورة لهم مثلها مثل الاحداث اليومية التي يشاهدونها في البرامج المسائية .. و هذه الفئة يختلف حبها و كرهها للثورة من حيث تأثيرها الشخصي عليها.. فلو حدثت مشكلة في عمل احدهم بسبب الاحداث الاخيرة اصبح كاره للثورة ... و لو عادت عليه بالنفع في عمله اصبحاً عاشقاً لها ..

3-الفئة الثالثة هي فئة تكره الثورة من اليوم الأول وتتخذ منها موقف عدائي حاد ... ... و ليست كلها لها اسباب مشتركة لكره الثورة .. بل تتنوع الأسباب.. و أنواع الأسباب تقربيبا لن يخرج عن احد هذه الاسباب:

فئة اولى تتكون ممن يرى اسباب دينية لكره الثورة مثل ان الخروج على الحاكم حرام ( و هي فئة لازالت موجودة رغم كل ما حدث)

و فئة اخرى عاطفية ترى في الرئيس الأب و تتحدث عن كبر السن و الأصول و .. و ..

و فئة ثالثة ( و هي الأقل) مكونة من المنتفعين من النظام السابق و هي تعرف جيداً أن انهيار النظام يمثل تقريبا النهاية لها ..

و فئة رابعة .. و هي تلك التي ترى في الثورة مؤامرة شريرة و فساد مطلق ... و هي متأثرة بما قيل في وسائل الإعلام الحكومية سواء تلفزيون او جرائد .. و أيضا من الاشاعات التي روجها انصار النظام السابق حول الثوار...

4- الفئة الرابعة وهي" المتحولون" Transformers و هي فئة كانت مؤيدة للنظام السابق و تظهر عشقها الشديد له .. و بعدما سقط قامت بتأييد الثورة و أظهرت نفس العشق الشديد للنظام السابق بنفس الادوات المستفزة المنافقة .. و هي فئة تعشق مصلحتها .. و تختلف عن الفئة الثانية في أن الفئة الثانية لا تحب الثورة او تكرهها الا اذا تحققت من الثورة مصلحة تعود عليهم .. اما فئة المتحولون فهم يبحثون عن تحقيق مصلحة من الثورة عن طريق اظهار حبهم لها .. أظن ان الفرق واضح
و تلك الفئة عادة ما ستكون عبارة عن فلول النظام السابق التي تسعى بشدة ان تدخل ضمن النظام الحالي ..

*************
************

و من واقع هذا التصنيف فإننا أمام فئة واحدة فقط قامت بالثورة .. امام ثلاث فئات لم يقفا مع الثورة ...

و لا تتعجب إن إكتشفت أن اعداد الفئات الاخرى كثيرة .. ربما تكون أكثر من فئة الثورة و ربما لا .. و لكن مما لا شك فيه ان هناك اعداد كثيرة تكره الثورة .. أعداد معتبرة و ليست هينة .. و لكن .. قد يتسائل الشخص منا... مادام هؤلاء لم يحبوا الثورة فكيف نجحت الثورة ؟؟!!!

الفرق الوحيد الملوس بين الفئة الأولى و بقية الفئات الأخرى هو " الفاعلية "

فالفئة الاولى المحبة للثورة كانت فئة مؤمنة بحبها لهذه الثورة ... و بذلت كل ما لديها لكي تنجح تلك الثورة ... ووصلت التضحيات لأقصى درجاتها من تضحية بالدماء و الاصابة بعاهات في سبيل إنجاح الثورة

أما الفئات الأخرى فهي يجمعها شئ واحد فقط.. أنهم ليست لديهم فكرة يؤمنوا بها .. و بالتالي يقومون من اجل الفكرة بالقيام بعمل ما لينجها ... فالفاعلية لا يمكن أن تأتي إلا بوجود شئ تؤمن به يجعلك فعالاً و ايجابيا مستعداً لبذل أي جهد من اجل الفكرة ..

الايجابية و الفاعلية مرحلة تأت بعد الايمان بالفكرة

فلو نظرنا لأسباب عدم فاعلية الفئات الاخرى و قدرتها على ان يصبح لها صوت مسموع قادر على ان ينافس صوت الثورة سنجد التالي:

1- الفئة الثانية و التي قلنا عنها انها لا يشغلها في الحياة سوى انفسهم و مشاغل حياتهم العادية و ليس عنده اي تصور لأي شئ آخر في الحياة سوى محيطه القريب منه ... و من وجهة نظري هي تعتبر الفئة الأكبر من هؤلاء الذين لم يؤيدوا الثورة

تلك الفئة لا تتوقع منها أن يكون لها من الأساس رأي!... إن آراء فئات كتلك لا تتعدى نقاشات المقاهي و المواصلات العامة .. و عادة ما ستجد تلك الآراء عديمة القيمة لا تخرج منها بشئ .. آراء تشكك من اهمية كل شئ و اي شئ .... " ايه لازمة الثورة؟" .. " ايه لازمة الريس؟" ... " ايه لازمة الاحتجاج"... الخ الخ .. لا يوجد شئ له " لازمة " عندهم و كل شئ " ملوش لازمة و تضييع وقت" ..

و ليس غريبا ان يقولوا هذا فكل شئ بالفعل ليس له لازمة .. لأنه لا يمسهم شخصياً... رغم ان الثورة من اجل محاربة الفساد و الظلم الواقع على كثير منهم .. إلا أن تلك الفئة عادة ما ستجدها مكونة من السذج و قليلوا الثقافة .. و ليست الثقافة التي اقصدها هي ثقافة القراءة و الاطلاع.. بل هناك قدر طبيعي من المعرفة و الوعي لو وُجد عند شخص ما لأدرك به الكثير من الحقائق .. و لكن حتى هذا القدر للأسف غير موجود عند هؤلاء... حتى لو كان متعلماً.. بل و حتى لو كان تعليمه جامعي و متخرج من كلية معتبرة ... و هذا الاخير يدخل تحت مسمى "أمية المتعلمين"

فئة كهذه تضحي فقط من اجل مصلحة شخصية .. قد تجد الشخص منهم ثائراً عظيما لا يشق له غبار... و لكن في مقر عمله حين يتم اصابته بأذى شخصي في العمل ..

قد تكتشف تلك الفئة بعد فترة انها كانت مخطئة و ان الثورة مفيدة لهم شخصياً.. و لكن هذا للأسف سيأتي بعد مرحلة متأخرة جداً بعد أن تبدأ الثورة في طرح ثمارها بل لن يشغل باله اصلا بان يربط بين ثمار الثورة و الثورة .. سيأكل من ثمارها و كفى !!

و سبب تكون تلك الفئة في وجهة نظري هي تنامي ظاهرة الفردية في ظل النظام السابق... فمنذ عهد الفراعنة تقريبا و حتى الآن .. لم يوجه الحاكم للمواطن طلباً بأن يكون مشاركاً في اي شئ.. و لم يحثه حتى على التعاون بينه و بين زميله المواطن الآخر.. لأنهم كانوا يخشون هذا التجمع فكان المنهج هو اغراق المواطن في مشاكله الخاصة ... لا شك ان كثيرين من الناس فاقوا من تلك المشكلة الا ان هناك الكثير لم يفيق منها و بالتالي ظل على حالته كما هو

2- اما الفئة الثالثة التي تكره الثورة من اليوم الأول ... فهي ايضا لاتوجد لديها فكرة تؤمن بها ..

فمن كره الثورة لأنه يظن انها حرام .. و هؤلاء الذين كرهوها لظنهم انها ثورة " عملاء و اجندات خارجية".. هم للأسف فئات ساذجة صغيرة العقل..

و سذاجتها و صغر عقلها هذا لا يسمح لها بأن تفكر حتى في سبيل لمقاومة هذا الذي يقولون عليه ... لذا فكل ما كان يفعلونه هو انهم يصبون اللعنات اللفظية على الثوار و على الثورة .. و لا بأس من حين لآخر يمدحون مبارك و نظامه ..و " كله كلام و بس"

أما هؤلاء العاطفيين الذين أحبوا مبارك.... فهم قلة قليلة للغاية .. و حبهم لمبارك ليس حباً حقيقياً.. هو فقط مجرد تعاطف مع شخص وحالة ... و أكبر دليل على هذا هو أنهم لم يستميتوا في الدفاع عن " مبارك".. الأمر بالنسبة لهم كان مجرد مشاهدة فيلم تراجيدي... و هناك منهم من نزل لميدان مصطفى محمود اثناء الثورة و لكن كلكم تعرفون كم كانت اعدادهم قليلة

اما عن هؤلاء المستفيدين من النظام السابق.. فبالطبع هم قلة قليلة .. و يعجبني قول أحد الاشخاص حين قال أن المشكلة الحقيقية في نظام مبارك انه قلص تماما من طبقة المنتفعين و قصرها على عصابة صغيرة من الافراد و أصبح الشعب كله غير مستفيد من هذا النظام و كرهه الاغنياء غير المستفيدين و الفقراء معاً... لذا فهؤلاء لم يكونوا من القوة العددية ليستطيعوا فعل شئ .. و إن كانوا حاولوا بالكثير من الطرق الغير مشروعة مستخدمين قدرتهم المادية و النفوذ لإفشال الثورة مثل موقعة الجمال الشهيرة و الاشاعات الإعلامية التي نعرفها جميعاً


و لا شك ان كثير من ابناء الثورة كانوا من تلك الفئات السابقة .. و لكن ما ميزهم أنهم جائتهم ما يسمى " لحظة هداية الى الحق"... لحظة ادركوا فيها الحقيقة .. أدركوا ما كانوا عليه .. و أدركوا ما يجب عليهم فعله .. و لهذا خرجوا من تلك التصنيفات السلبية و نالوا شرف الثورة..

*************
*************
و من وجهة نظري ان كثرة تلك الفئات وتنوع المواقف تجاه الثورة سببه الرئيسي يرجع لأمرين .. أولهما شدة الجهل الذي يقع فيه الكثير من ابناء هذه البلد.. و ليس الجهل يقتصر على القراءة و الكتابة و لا حتى على التعليم العالي... اننا نعاني من أمية المتعلمين التي هي من أهم انجازات النظام السابق.. فكم من انسان متعلم ووصل لمراحل علمية متقدمة و حين تسأله عن الثورة لا يعرف ما هي و ما اسبابها و من الصواب و من الخطأ.. بل و يفتخر بجهله...

أما الثاني فهو تنامي ظاهرة الفردية و أختفاء معنى الوطن داخل الانسان المصري... و كما ذكرت سابقاً الانسان في مصر في ظل النظام السابق لا يرى فرصة لأن يشارك باي شئ في الدولة .. و يتم تشجيعه من قبل الحكومة على أن يترك تلك الامور للحكومة و يلتفت هو لنفسه .. سواء بالترهيب و المنع من المشاركة السياسية او بتسطيح العقل او بفردية اتخاذ القرارات دون ادنى اعتبار للشعب

و تلك النقطتين من وجهة نظري هم التحدي الحقيقي لكي يساند الشعب تلك الثورة ... الفردية .. و الجهل

لأننا دخلنا في مرحلة بناء تحتاج منا كل يد و كل عقل في هذا الشعب..و لسنا في مرحلة الثورة التي تحتاج فقط كم كبير من المؤيدين الفعّالين القادرين على الضغط.