السبت، 14 أبريل 2012

ذكرياتي الساذجة مع الانتخابات


(كتبت هذا المقال قبل الثورة في أثناء انتخابات مجلس الشعب المزور عام 2010)


أكتب هذا الكلام يوم 28-11-2010 .. أي في يوم الأحد .. يوم بداية الانتخابات التشريعية المصرية لعام 2010

هذا العام رأيت بنفسي و سمعت بأذني و عرفت أن هناك فساد و تزوير.. و هي للأمانة أول أنتخابات أتابعها بشكل حقيقي..

كل الإنتخابات السابقة لم أستوعبها بالمرة ..و لا أتذكر تفصيلة صغيرة منها للأسف

فأول أنتخابات عاصرتها في حياتي كان عمري وقتها 4 سنوات .. و الثانية كان عمري 9 سنوات.. و الثالثة كان عمري 14 عاماً..

و كل هذا و أنا أعيش في بيئة لا تسمح لي أن أتابع الأخبار.. سواء على مستوى المحيطين بي من بشر..و كلهم ليس لهم اهتمام يذكر بالشأن العام.. أو على مستوى وسائل الاعلام عبارة المحيطة بي و التي كانت تتكون من التلفزيون المصري و جريدة الأهرام و أحيانا الأخبار و الجمهورية .. فماذا تتوقع؟!

....

إن كلمات مثل تزوير و شرعية و بلطجة و حتى " حزب وطني" و " إخوان " و " معارضة" لم تكن كلمات معتاد أن أسمعها .. لا أتذكر أنني عرفت أن هناك شئ اسمه الحزب الوطني الا بعد فترة كبيرة من عمري.. و لا أتذكر تماما أني سمعت اي شئ عن التزوير في الانتخابات.. بل اني كنت لا أعرف أصلا لماذا تقام الانتخابات..

كل ما كان في ذهني عن السياسة المصرية هو أن مبارك رجل " كويس" و أن كل المشكلة في " الحاشية" التي تحيط به..

ثم في أنتخابات 2005 كان عمري وقتها قد قارب على العشرين.. وقتها من المفترض أني شاب ناضج واع.. و لست طفلاً بعد.. و لم يكن الإعلام بهذا الانغلاق الذي كان حين كنت صغيراً...

إلا أن أشياء كثيرة لم تتغير في ذهني لأسباب عدة ..

فلازلت لا أشاهد سوى التلفزيون المصري- فليس عندي غيره-.. البيت بيتك( وقتها) و قناة النيل للأخبار.. و ما شابه..

أقرأ الأهرام فقط و لا شئ غيره..

الأنترنت لم يكن قد دخل حياتي بالمرة و لا أعتقد وقتها أنه كان له هذا الدور المؤثر الآن..

كما أن الناس من حولي لازالوا هم الناس.. نفس حالة الجمود الفكري .. و لكن المصيبة في تلك الفترة هي إختلاطي ببعض السلفيين من أنصار مبدأ طاعة ولي الأمر..

هؤلاء الناس للأسف أضروني فكريا كما لم يضرني أحد من قبل..

الإخوان شياطين .. الحاكم ربنا يهديه .. و يبارك الله لنا فيه لأنه ولي الأمر الساهر على راحتنا .. أمن الدولة ليسوا ظلمة .. فهم كأسمهم .. أمن للدولة

كل هذا و أكثر كان يبث في أذني ليل نهار ..حتى أنني كنت أرى الظلم عياناً بياناً و اسأل نفسي .. هل من المعقول بعد كل هذا ألا أثور على الحاكم ... و كنت أصبر نفسي بأن هذا أمر الله و يجب الصبر حتى لا تشيع الفتنة و الفرقة في البلاد!!!

كل تلك الظروف كانت تحيطني في انتخابات 2005

لم اشارك فيها ايضا بشكل عملي.. فلم يكن في ذهني عمل بطاقة انتخابية .. اضافة الى انها ثقافة لم اشاهدها في حياتي و لم افكر فيها وقتها

الا انني شاركت بالفرجة الخاطفة من حين لآخر ..

وقتها كنت أكره الإخوان كره العمى و أنظر لهم كما قلت على أنهم شياطين .. و حين فازوا بال88 مقعد شعرت بالاحباط و الخوف أن يسيطروا على البلد و يضيعوها!!

هذا في الانتخابات التشريعية

أما في الانتخابات الرئاسية ..فالأمر مختلف.. فكما قلت فأنا كنت متابع جيد عن عدم وعي للتلفزيون المصري..

حين أعلن الرئيس تعديل الدستور و فتح باب الانتخاب المباشر على منصب رئيس الجمهورية .. شعرت وقتها أن هذا الرجل عظيم للغاية !

و تعجبت ممن يعارضون القرار.. حتى أنني سمعت احد الممثلين يعلق على معارضة المعارضة للتعديل فقال: " طبعا لازم يعارضوا .. ما هم اصلا معارضة و كل شغلهم في الحياة المعارضة و خلاص"

وقتها كنت اشعر انها كلمة حكيمة جداً..

فلعنت المعارضة جميعاً و احسست أنها كيانات حمقاء.. و بدأت اشعر بالارتياح لحسني مبارك.. الرجل الذي أتاح لأي شخص أن يرشح نفسه ..

و حتى حين اطلعت على الشروط التعجيزية في المادة 76 من الدستور.. لم تتغير وجهة نظري .. و رددت بكل بساطة ما يقوله النظام :" بالعقل كده ..واحد مستقل عاوز يبقى ريسو مش عارف يجمع كام صوت من اصوات اعضاء المجالس التشريعية و المحلية .. عايز يحكم بلد ازاي؟!"

كان هذا الكلام يردد في كل مكان.. حتى أن أحد الشيوخ عندنا قاله في درس له بعد صلاة الجمعة !!

و حين شاهدت الأسماء المطروحة على الساحة امام الرئيس تمنيت من كل اعماقي أن يفوز الرئيس بالانتخابات كي لا يفوز واحداً من هؤلاء !!

..............

.............

كل هذا للأسف كان حقيقي .. و أنا أشعر بالأسف حين أتذكر أني كنت كذلك

أحمد الله على أنه هداني لمعرفة الكثير من الاشياء عن حقيقة الأمر و كيف يدار.. و أحمده على أنه هداني لأن يسقط من عقلي الكثير من الأفكار التي لازال حتى الآن لها معتنقين بل و مروجين و دعاة

احيانا اتحسر على نفسي .. و أحسد الأجيال الجديدة التي ترى كل شئ بفضل الاعلام المفتوح.. فتجد الشاب صاحب ال14 عام يعرف مطالب البرادعي السبعة بينما أنا عندما كنت في مثل عمره لم أكن أعرف ما هو معنى " الحزب الوطني"

بإذن الله لو كان في عمري بقيه سيزداد الوعي الضائع مساحة و بإذن الله سأعوض أيام الغيبوبة

قد يسأل سائل لماذا اكتب هذا الكلام عن نفسي.. و ما فائدته..

في الحقيقة أردت أن أكتبه لمن هم الآن في مثل حالتي القديمة ..

ممن لازالوا يشاهدون الاعلام الرسمي و يؤمنون بأفكاره..

و ممن لايزالون يقرأون الأهرام و الأخبار

ممن لايزالون يرددون الجملة العقيمة :" مبارك رجل صالح .. المشكلة في من حوله من فاسدين"

ممن لايزالون مؤمنين أن طاعة ولي الأمر شئ مفروغ منه لا يقبل الجدال.. و أن الانتخابات حرام لأنها تثير الفتنة

لا يزالون يرون أن الشر هو الاخوان ..

لايزالون للأسف يؤمنون ان مصر بخير.. و أنها بلد الأمن و الأمان.. و لكننا نعاني أزمة جحود و طمع و ضمير ( فقط)

أقول لهم أقرأو كلامي هذا و أبحثوا وراءه ووفروا على أنفسكم سنوات من الغيبوبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق