الأحد، 6 مارس 2011

الآن يتكلمون في السياسة


المتابع الآن للقنوات الدينية السلفية المصرية بعد الثورة يجد ان الشغل الشاغل لهذه القنوات الآن اصبح السياسة و الحكم في مصر و حكايات الفساد.. حتى أنها انشأت برامج جديدة تماثل برامج التوك شو في كافة القنوات المصرية مثل المحور و دريم و الحياة و غيرها .. و اصبح كل شيخ من الشيوخ يتكلم يومياً في امور السياسة و الحكم ووصلة من الدعاء على الظلم الذي كان ...

و المتابع جيداً لتلك القنوات قبل الثورة من حقه ان يضرب كفاً بكف و يضحك على هذا التحول الدراماتيكي من النقيض للنقيض..

قد يقول قائل أنهم كانوا يخشون النظام و يخشون بطشه.. و لكن الأمر ليس كذلك بالمرة .. و اعرض عليكم نبذة بسيطة لما كانت عليه القنوات السلفية قبل الثورة .. ليس من باب الانفراد فكلنا نعرف هذه الاشياء و لكن من باب التذكرة واعطاء كل ذي حق حقه

منذ انطلاق تلك القنوات بانشاء قناة الناس عام 2006 تقريبا .. و هي تتبع نهج واحد .. مهاجمة اي شئ و كل شئ بضراوة .. عدا كل ما يخص مبارك و الذين معه..و ليس الموضوع يقتصر على القنوات فقط بل انا اتكلم عن السلوك ككل

ثورات و حملات تشن على الحجاب و النقاب.. ملصقات توزع في كل مكان تحذر من عاقبة خلع الحجاب.. و حلقات تلفزيونية يبدو لك فيها أن المتكلم عن الحجاب كأنما يدافع عن ضحايا حرب في حين انك لا تسمع صوته في اي قضية تمس ظلماً بسيطا من ظابط امن دولة

هذا بالطبع غير الحملات الشعواء التي شنت على الشيعة و على ايران .. و التي اعترف صفوت حجازي في مقال له بعد غلق قناة الناس ان الدولة هي من طلبت منهم ان يهاجموا الشيعة ..تلك الحملات نجحت بأقتدار أن تجعل بعض البسطاء يكرهوا الشيعة أكثر من كرههم لعدوهم الاستراتيجي و الأخطر و الأهم اسرائيل ( و هذا بدون مبالغة ) و كأن الشر كله قادم من ايران و اسرائيل لا تستحق حلقة واحدة منهم لتعبئة مشاعر الناس ضدها!!!

و الحق يقال انهم كانوا يركزون على الفساد .. و لكن اي فساد؟

كان الكلام عن الفساد كلام مستأنس لا طعم له .. لا هو يغضب الناس و يستفزهم و لا هو يغضب امن الدولة .. فيتكلم عن الموظف الفاسد الذي يرفض ان ينهي اوراق مواطن لانه مرتشي.. و على المدير الفاسد الذي يقسوا على موظفيه..

و أكبر رأس هوجمت من قبل القنوات الدينية كانت شيخ الازهر .. في قضية النقاب العظمى .. حتى انس الفقي حين اغلق عليهم القنوات لم يحركوا ساكناً و لم يهاجموه في اي وسيلة اعلامية على حد علمي..

كانت بالنسبة لهم سبب كل المصائب و الكوارث و الفساد و العدوان الاسرائيلي و الامريكي اننا لا نصلي جيداً.. لا نتوضأ جيداً.. لا نلبس النقاب.. الحجاب به عيوب.. و كان تكرير تلك الحقيقية مستمر بأسلوب مستفز

ثم حين تسألهم :" لماذا لا تهاجمون النظام الحاكم؟" .. يقولون لك انهم ليس لهم في السياسة و انهم لا يتصارعون على الكراسي و دع من في الكراسي في كراسيهم نحن دعاة آخرة و نؤمن بمبدأ الاصلاح من الأسفل و ليس من الأعلى .. نحن نربي الابن على الطاعة لينشأ شابا طائعاً لله و ينشر الدعوة ثم يتـ... الخ"

كانت تلك نظريتهم في الاصلاح.. و التي بعد الثورة لم يظهر أياً منهم يؤيدها بل باركوا الثورة ووصفوها بالمجيدة و الطاهرة و.. و.. و أنا اتذكر فتوى للشيخ مصطفى العدوي يحرم فيها التظاهر لأنه ليس من الاسلام

كانت كل علاقتهم بمبارك هي تنحصر في الدعاء التالي :" اللهم اصلح حال ولاة امورنا"

هذا هو ردهم على كل شئ و أي شئ.. يلتمسون الاعذار له دوما حتى قبل ان يبرر هو لنفسه ( هذا ان برر اصلا)

كل ما سبق على سبيل المثال لا الحصر هو ملخص لما كان عليه الاعلام السلفي قبل 25 يناير 2011.. و الذي للأسف اثبت انه لم يكن يؤمن بكل ما كان يقول.. و أنه كان يهتم بتلك القضايا الفرعيةو التافهة و يبتعد عن القضايا المحورية الهامة ليس من باب اقتناعه بعدم اهمية الكلام في السياسة بل من باب انه اعلام بلا موقف يديره رجال بلا موقف كل همهم الااستمرار دون النظر لكيفية هذا الاستمرار..

سقط كل كلامهم عن الاصلاح من اسفل و اصبح كل الكلام عن الاصلاح من اعلى .. سقط كل الكلام عن حرمانية التظاهرات و بادروا هم بالمظاهرات الحاشدة التي كانت للأسف تهتم بقضايا فرعية في الوقت الحالي ..فلم يهتموا بحل امن الدولة و لا حتى باقالة حكومة شفيق و لا حتى بتعديل دستور يضمن الحريات و تداول السلطة و ركزوا مع المادة الثانية فقط و كأن المادة الثانية هي التي من دونها سندخل جهنم..

سقط كل كلامهم عن ان سبب الفساد هو عصيان الشعب لله و اصبح سبب الفساد هو هذا الحاكم الظالم الذي انهالوا عليه و على حاشيته و امن دولته بالسباب و اللعنات .. و لم يدعوا له بالصلاح كما كان يحدث من قبل

اختفى الدفاع الشرس عن الحجاب و النقاب و هجوم الشيعة و النصارى .. مع انه قبل الثورة كان المادة اليومية لكافة البرامج..

ان التحول العجيب المثير للدهشة للإعلام السلفي يجعله يفقد مصداقيته عند كل انسان عاقل رشيد .. و لو انهم استمروا يتكلمون عن الحجاب و النقاب و يدعون لمبارك بالهداية لكنت احترمتهم ..

و لكن يا خسارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق