الذين قالوا نعم للاستقرار

الفارق الشاسع في الاصوات بين من قالوا نعم للتعديلات الدستورية و من قالوا لا للتلك التعديلات كان له عدة اسباب..

لا أنكر ان الكثير قال لا لاسباب دينية .. و الكثير قالوها لأسباب سياسية .. و لكن تلك الاسباب الدينية و السياسية كانت في الطرفين

فكما قال بعض الدعاة و العلماء "نعم للتعديلات واجب شرعي" .. أرعبت الكنيسة رعاياها و قالت لهم ان " لا" تعني اقامة دولة اسلامية في مصر..

و كما أراد الاخوان خوض الانتخابات التشريعية لجاهزيتهم اكثر من غيرهم ... خافت القوى السياسية الاخرى ان تفشل في الانتخابات القادمة لأنها تعرف جيدا ان رصيدها في الشارع يقارب الصفر..

و وجهة نظري ان كلتا الفئتين لم يحسما الأمر .. و لكن الذي حسم الأمر بشكل قاطع هو أمر واحد يتلخص في كلمة واحدة :

" الاستقرار"

تلك الكلمة كانت مفتاح الفوز لنتيجة "نعم"

ورغم صدور شعارات من جانب من قالوا لا بأن" نعم " لا تعني الاستقرار و ان الاستقرار يأتي بأن تقول "لا" .. إلا أنه للأمانة كان كلامهم كلام فلسفي و مجرد شعارات بدون تطبيق عملي على ارض الواقع.. و كانت تلك الافكار حبيسة مقالات بعض الكتاب .. في حين ان الدعاية لـ "نعم"كانت قائمة على الاستقرار .. و تبنى الاخوان هذا الشعار في ملصقاتهم .. وهو استخدام ذكي للغاية

فبداية علينا ان نعترف ان المصريين ليسوا ذوي طموحات عالية من الناحية السياسية ... و هذا شئ طبيعي.. حيث ان الامر اشبه بمن قمت بتجويعه ايام ثم عرضت عليه قطعة خبز جاف.. لا تتوقع ان يرفضها بحجة انها ليست شهية .. لذا كنت تجد دوما مطالبات من مصريين عاديين لمن في التحرير ان ينفضوا من الميدان .. و الاكتفاء بما تم تحقيقه .. لا كرها في الثورة و لكن رغبة في عودة الاوضاع لما كانت عليه خصوصا بعد ما حدث للناس من مشاكل اقتصادية و امنية ...

و المشكلة الحقيقية ان من دعى الناس لأن يقولوا " لا" لم يعي هذا جيداً... و تحدث للناس عن مثاليات لا يستوعب بعضهم مثلها .... و الأهم من ذلك انه لم يقدم لهم جدول زمني واضح بعد "لا"

ان طريق " نعم" كان واضحاً وضوح الشمس ... جدول زمني محدد أو كمان نقول " عارفين راسنا من رجلينا" .. و هذا ماوصل للجميع

اما طريق لا .. فقد قلت قبل ذلك انك لو سألت عشر اشخاص بشكل عشوائي قالوا لا عما سيحدث بعدها فانك ستجد عشر اجابات مختلفة و ربما حتى لا تجد اجابات عن بعضهم.. فكيف تريد ان تقنع شخصاً بأن يأخذ قرار دون ان توضح له ماذا سيحدث بعد هذا القرار؟

ثم انه – و هذا امر عجيب- أن كثيرون ممن دعوا لـ " لا" .. سخروا من كلمة استقرار .. ووصفوا طالبيها بأنهم أغبياء ينتمون لعهد مبارك .. وهذا كان يحدث كثيرا في المقالات و على تويتر و فيس بوك ... و هذا ماجعلهم في صورة المطالبين بعدم الاستقرار و الفوضى .... فبدوا للناس في صورة من يقولون " لا للأستقرار" ....

باختصار .. من دعى لـ " لا" لم يسعى ليوضح للناس الفوائد التي ستعود عليهم ان قالوا لا .. لا اقول الفوائد العامة في البلد .. ولكني اقول الفوائد التي تعود عليه شخصياً.. و ظن انه حين يدعو لشعارات مثل " خيانة دم الشهيد " وغيرها من الشعارات العاطفية ان الناس ستتوافد عليه بالملايين.. و هذا مالم يحدث رغم تلك الحملة الرهيبة في كل وسائل الاعلام بداية من التلفزيون و انتهاءً بالجرائد

انه درس قاس لكل من دعى للا.... درس مغزاه هو أن الشعارات فقط وحدها لا تكفي ..