الجمعة، 18 مارس 2011

اساليب نشأة الدساتير ( اساليب ديمقراطية و غير ديمقراطية )


هذا البحث وجدته على الانترنت تحت عنوان : "أساليب نشأة الدساتير _بحث مقدم من طرف الطالب عبد الرؤوف"

انشر لكم منه الجزء الخاص بأساليب نشأة الدستاير

للاطلاع على البحث كاملا: http://bit.ly/fwIqMq

الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير


يمكن تعريف الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير بأنها الأساليب التي لا يستأثر الشعب وحده في وضعها، وإنما الذي يضعها هو الحاكم وحده (منحة) أو بالاشتراك مع الأمة أو الشعب (عقد). وهما أسلوبان تزامنا مع تطور الملكية من ملكية مطلقة إلى ملكية مقيدة

1. أسلوب المنحة:

يصدر الدستور في شكل منحة إذا تنازل الحاكم بإرادته المنفردة عن بعض سلطاته للشعب، أو أن يحددها ببعض القيود، بواسطة قواعد قانونية يمن بها على شعبه في صورة دستور. والأصل في هذه الدساتير أن الحاكم هو مصدر السلطات، ومنبع الحقوق والحريات، يجمع بين يديه الوظائف والاختصاصات، ومن بينها الاختصاص التأسيسي. غير أن انتشار الأفكار الديمقراطية، ونضج وعي الشعوب بحقوقها، والدعوة إلى الحد من من السلطان المطلق، دفع الحكام إلى منح شعوبهم دساتير، تنازلوا بموجبها عن جزء من سيادتهم، ليظهروا بمظهر المتفضلين على شعوبهم، قبل أن تجبرهم الأوضاع على التنازل عن جٌل سيادتهم، وبالتالي يفقدون هيبتهم وكرامتهم.
وهكذا؛ وعلى الرغم من أن الشكل الخارجي للدستور الصادر بطريق المنحة يظهر على أنه عمل قانوني صادر بالإرادة المنفردة للحاكم، فإن الدستور لم يكن ليصدر إلا نتيجة لضغط الشعوب على حكامها، ووعيها بحقوقها، وخوف الحاكم من ثورتها وتمردها. ويسجل لنا التاريخ أمثلة كثيرة لدساتير صدرت بطريق المنحة، ومنها الدستور الفرنسي لعام
1814 الذي أصدره لويس الثامن عشر للأمة الفرنسية ، وجدير بالذكر إن معظم دساتير الولايات الألمانية في القرن التاسع عشر صدرت بهذه الطريقة. ومن أمثلة الدساتير الممنوحة كذلك: الدستور الإيطالي لعام 1848 والدستور الياباني لعام 1889، ودستور روسيا لسنة 1906، وإمارة موناكو لعام 1911، وكذلك الدستور المصري لعام 1923، ودستور إثيوبيا لعام 1931، والقانون الأساسي لشرقي الأردن لعام 1926، ودستور الإمارات العربية المتحدة لسنة 1971 وكذلك الدستور القطري لسنة 1971(2).
ونتيجة لصدور الدستور بطريقة المنحة يثور تساؤل هام، حول قدرة الحاكم الذي منح الدستور هل له الحق في سحبه أو إلغائه ؟ وللإجابة على هذا السؤال انقسم الفقه إلى اتجاهين :-

* يذهب أولهما إلى قدرة الحاكم على استرداد دستوره طالما كان هذا الدستور قد صدر بإرادته المنفردة، عل شكل منحة، لأن من يملك المنح يملك الاسترداد. يساند هذا الرأي أمثلة حدثت فعلاً، حيث أصدر شارل العاشر

ملك فرنسا قراراً ملكياً عام 1830 بإلغاء دستور عام 1814، تحت حجة أن المنحة أو الهبة في الحقوق العامة تشبه الهبة في الحقوق الخاصة، وكما يحق للواهب الرجوع عن الهبة. يحق للملك الرجوع عن دستوره، إذا صدر عن الشعب جحود للمنحة ونكران للجميل.

*ويذكر ثانيهما على الحاكم حق استرداد دستوره، ما دام هذا الدستور قد صدر، حيث تترتب عليه حقوق للأمة، فلا يحق للحاكم - عندها - المساس به إلا بالاستناد إلى الطرق القانونية المقررة بالدستور نفسه، حتى التسليم بأن صدور الدستور كان وليداً للإرادة المنفرد للحاكم، لأن هذه الإرادة تصلح أن تكون مصدراً للالتزامات، متى ما صادفت قبولاً من ذوي الشأن. وجدير بالإشارة أن الدستور الصادر بطريقة المنحة يدرس على اعتبار أنه مرحلة تاريخية، تمثلت بالانتقال من الملكيات المطلقة إلى الملكيات المقيدة، وقد انقضت وانتهت هذه المرحلة منذ زمن، نتيجة لزوال الحكم الفردي، واستعادة معظم الشعوب لكامل حقوقها في السيادة والسلطة. ومع ذلك، فما زالت بعض الدساتير تعتمد على الإرادة المنفردة للحاكم، في نشأتها وفي إصدارها، منذ تسلمه للسلطة وحتى مماته، وإن أمكن استبداله بغيره...وقائمة الدساتير التي صدرت بهذه الطريقة كبيرة. ولنا بعالمنا العربي أمثلة متعددة، حتى أن بعضها لا يزال نافذاً إلى يومنا هذا(1).

1. أسلوب العقد أو الاتفاق:


ينشأ الدستور وفق طريقة العقد بناء على اتفاق بين الحاكم من جهة والشعب من جهة أخرى. أي لا تنفرد إرادة الحاكم بوضع الدستور كما هو الحال في صدور الدستور على شكل منحة، وإنما يصدر الدستور تبعاً لهذه الطريقة بتوافق إرادتي كل من الحاكم والشعب. ويترتب على ذلك ألا يكون بمقدور أي من طرفي العقد الانفراد بإلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله. وعلى هذا النحو تٌمثل طريقة العقد أسلوباً متقدماً على طريقة المنحة، لأن الشعب يشترك مع الحاكم في وضع الدستور في طريقة العقد، بينما ينفرد الحاكم بوضع الدستور في طريقة المنحة. وبناء على ذلك؛ يعد أسلوب العقد مرحلة انتقال باتجاه الأساليب الديمقراطية. خاصة وأن ظهور هذا الأسلوب - لأول مرة - كان نتيجة لنشوب ثورات، في كل من انجلترا وفرنسا. ففي إنجلترا ثار الأشراف ضد الملك جون، فأجبروه على توقيع العهد الأعظم في عام 1215، الذي يتعبر مصدراً أساسياُ للحقوق والحريات. وبنفس الطريقة؛ تم وضع وثيقة الحقوق لعام1689 بعد اندلاع ثورة ضد الملك جيمس الثاني، حيث اجتمع ممثلون عن الشعب، ووضعوا هذه الوثيقة، التي قيدت سلطات الملك، وكفلت الحقوق والحريات الأساسية للأفراد. وتمت دعوة الأمير وليم الأورنجي لتولي العرش، على أساس الالتزام بالقيود

الواردة بالوثيقة. وتشكل هاتان الوثيقتان جزءاً هاماً من الدستور الإنجليزي الذي يتكون معظمه من القواعد العرفية.
أما في فرنسا فقدر صدر أول دستور فيها بطريقة العقد إثر ثورة سنة
1830 ضد الملك شارل العاشر، ووضع مشروع دستور جديد من قبل جمعية منتخبة من قبل الشعب، ومن ثم دعوة الأمير لويس فيليب لتولي العرش، إذا قبل بالشروط الواردة بالدستور الجديد. وبعد قبول الأمير بهذه الشروط نودي به ملكاً على فرنسا.
ويشار كذلك؛ إلى أن جميع الدساتير التي صدرت بطريقة العقد كانت من عمل جمعيات منتخبة، والأمثلة على هذا النوع من الدساتير عديدة نذكر منها الميثاق الأعظم في انجلتلرا سنة 1215 الذي هو جزء من دستور انجلترا، وكذلك قانون الحقوق الصادر سنة 1688 في نفس البلد، ودساتير كل من اليونان لسنة
1844، ورومانيا لسنة 1864، وبلغاريا لسنة 1979، والقانون الأساسي العراقي لعام 1925، والدستورين الكويتي لسنة 1962 والبحريني لسنة 1973. حيث وضعت المجالس التشريعية في هذه الدول الدساتير المذكورة، ثم دعت أمراء أجانب لتولي العرش على أساس الالتزام بأحكامها. وعلى الرغم من أن أسلوب العقد يعد أسلوبا تقدمياً أكثر من أسلوب المنحة، فإنه لا يعد أسلوبا ديمقراطيا خالصاً، لأنه يضع إرادة الحاكم على قدم المساواة مع إرادة الشعب، بينما تفترض الديمقراطية أن يكون الشعب هو صاحب السيادة، لا يشاركه فيها ملك ولا أمير.

الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير

يمكن تعريف الأساليب الديمقراطية في وضع الدساتير، بأنها الأساليب التي تستأثر الأمة وحدها في وضعها دون مشاركة الحاكم ملكا كان أو أميرا أو رئيسا للجمهورية. وبغض النظر عن التفصيلات والإجراءات المتبعة في وضع الدساتير داخل إطار هذا المفهوم الديمقراطي في وضع الدساتير، يمكن جمع هذه الأساليب في أسلوبين رئيسيين هما الجمعية التأسيسية وأسلوب الاستفتاء الشعبي(1).

1. أسلوب الجمعية التأسيسية:

تعد نشأة الدساتير وفقاً لهذا الأسلوب منطلقة من مبدأ السيادة الشعبية، كما ينظر إليه أيضاً على أنه من الأساليب الديمقراطية لخلق الدساتير حيث يمثل مرحلة أكثر تقدماً في نضال الشعوب ضد الحاكم المطلق.

ويصدر الدستور وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية من مجلس أو جمعية تنتخب بصفة خاصة من الشعب ونيابة عنه، يعهد إليها بمهام وضع وإصدار دستور جديد يصبح واجب النفاذ. ولذا فإن هذه الجمعية التأسيسية أو كما يطلق عليها البعض اسم الجمعية النيابية التأسيسية هي في الواقع تجمع كل السلطات في الدولة فهي سلطة تأسيسية تشريعية وتنفيذية. وهذا الأسلوب في وضع الدساتير هو الذي تم إتباعه في وضع معظم الدساتير التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. وكأمثلة تاريخية على أسلوب الجمعية التأسيسية نذكر دساتير الولايات المتحدة الأمريكية عقب استقلالها من إنجلترا عام 1776م كما اتخذته أمريكا أسلوباً في وضع وإقرار دستورها الاتحادي لعام 1787م وقد انتشرت هذه الطريقة فيما بعد فاعتمد رجال الثورة الفرنسية هذا الأسلوب من ذلك دستور فرنسا لعام 1791م، وعام 1848م، وعام 1875م، وقد انتهج هذه الطريقة كل من اليابان عام 1947م، والدستور الإيطالي عام 1947م، والدستور التشيكوسلوفاكي عام 1948م، والدستور الروماني عام 1948م، والدستور الهندي 1949م، والدستور السوري عام 1950 وتعد هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من الطريقتين السابقتين، إذ أن الدستور يقوم بوضعه في هذه الحالة جمعية منتخبة من الشعب.

كما أن هذه الطريقة تحتوي على العديد من المخاطر يمكن تلخيصها كالآتي:


  1. احتمال انحراف الجمعية التأسيسية عن غرضها المنشود، بتفوق السلطة التشريعية على باقي السلطات الأخرى، لكون أغلب الأعضاء فيها تراودهم فكرة الترشح للمرة الثانية.
  2. الاعتماد على فكرة الجمعية التأسيسية يحتمل فيها استحواذ هذه الأخيرة على جميع الاختصاصات، مما قد يخلق عجزا وانسدادا أثناء معالجة المشاكل الشائكة وقت الأزمات.
  3. احتمال رفض الشعب للجمعية التأسيسية بعد إقرارها للدستور، وهذا فعلا ما حدث في دستور الجمعية الفرنسية الرابعة سنة 1946م، مما بدد الطاقات والمجهودات(1).

2. أسلوب الاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء الدستوري:

ينشأ الدستور وفقاً لهذا الأسلوب من خلال الإرادة الشعبية الحرة، إذ يفترض أن يقوم الشعب أو يشترك بنفسه في مباشرة السلطة التأسيسية، في هذه الحالة يصدر الدستور مباشرة من الشعب الذي يوكل الأمر إلى جمعية منتخبة تكون مهمتها وضع مشروع الدستور أو إلى لجنة معينة من قبل الحكومة أو البرلمان إن وجد، ومن أجل أن يكون استفتاء دستوري يجب أن تكوّن أولا هيئة أو لجنة تقوم بتحضير مشروع الدستور وعرضه على الشعب لاستفتائه فيه، لأخذ رأي الشعب في مشروع الدستور ، ولكن هذا المشروع لا تصبح له قيمة قانونية إلا بعد عرضه على الشعب واستفتائه فيه وموافقته عليه. علماً بأنه ليس بلازم أن تقوم بوضع الدستور -المراد الاستفتاء عليه- جميعة تأسيسية نيابية، وإنما يفترض أن تكون هناك هيئة أو جمعية أو لجنة أو شخصية، قد أسند إليها وقامت بالفعل بإعداد مشروع الدستور، كما حدث بالنسبة لبعض دساتير العالم. ولا يختلف الأمر إذا كانت هذه الجمعية أو اللجنة التحضيرية للدستور منتخبة أو معينة، إذ تقتصر مهمتها على مجرد تحضير الدستور فحسب تمهيداً لعرضه على الشعب للاستفتاء عليه بالموافقة أو بالرفض، ويعتبر تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء هو الفصل في بدء سريان الدستور والعمل بأحكامه.

وإذا كان بعض الفقهاء قد ذهب إلى عدم اعتبار أسلوب الاستفتاء الشعبي أسلوبا متميزا عن أسلوب الجمعية التأسيسية أي عدم التفرقة بين الجمعية التأسيسية والاستفتاء السياسي على أساس طريقة واحدة، بل يعتبرون الاستفتاء مكملا للجمعية التأسيسية، فهو حلقة له ويستدلون بالعديد من القرائن التاريخية، فقد يوضع المشروع الدستوري بواسطة جمعية تأسيسية، مثال ذلك دستور 1946، وقد يوضع عن طريق لجنة حكومية، ومثال ذلك الدستور المصري الصادر سنة 1956، أو دستور الجمهورية الخامسة 1958.


وأخيرا ما يمكن قوله في هذه المسألة هو وجود اختلاف بين الجمعية التأسيسية والاستفتاء الدستوري، فالأول يتخذ قوته الإلزامية بمجرد صدوره عن الجمعية، فلا يشترط فيه عرضه على الشعب، وهذا فعلا ما حدث سنة 1946 في فرنسا، بحيث الجمعية التأسيسية أقرها الدستور في مايو 1946، وعرضه على الشعب، فرفض الموافقة

عليه مما أدى إلى إنشاء جمعية تأسيسية أخرى لصياغة المشروع من جديد وعرضه على الشعب في أكتوبر 1946 الذي وافق عليه. كما يجب التفرقة بين الاستفتاء الدستوري والاستفتاء السياسي، فقد تنتهج هذه الطريقة لترويض الشعب لقبول الأوضاع السائدة، فهو إقراري (بمعنى إقرار مشروع دستوري تضعه جمعية تأسيسية رغم اختلاف في تكوينها، كما حدث للدساتير الفرنسية (1793-1795-1946)، أو دستور ايرلندا الحرة سنة 1973. وليس كاشفا للإرادة الشعبية، فالشعب في هذا الموطن له دور سلبي، بحيث يستشار شكليا لتبييض وجه النظام الحاكم، كالاستفتاء بشأن إبقاء نابليون قنصلا عاما مدى الحياة 1802 أو استفتاء سنة 1804 بشأن توارث الإمبراطورية في سلالة نابليون(1).

وقد أتبع هذا الدستور في وضع دستورنا لسنة 1976 ودستور ايطاليا لسنة 1948 والعديد من الدساتير الحديثة.كما تعتبر هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من غيرها، إلا أنها لكي تحقق تلك الميزة أهدافها يجب أن يكون الشعب واعيا ومدركا للعمل العظيم الذي يقوم به، ونظرا لصعوبة تحقيق هذه الأمنية فان على السلطة التي تريد مشاركة الشعب فعلا في اتخاذ القرارات الحاسمة أن تتجنب تقديم النصوص المعقدة له بل تقدمها فقط للبرلمان بشرط أن يكون برلمانا وليس هيئة فنية استشارية وتقتصر على تقديم المسائل البسيطة الواضحة على أن تسبقها حملة إعلامية وتنظم مناقشات حول الموضوع حتى يشعر الشعب بأنه شارك فعلا في وضع النص ولم يقتصر على تقديم استشارة(2).

طريقة المعاهدات الدولية : بعض الدساتير يمكن أن ترجع في نشأتها إلى معاهدات دولية مثل الدستور البولندي لعام 1815 والدستور الألماني لعام 1871، حيث يكون الدستور مستمدا من معاهدة دولية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق